حوارية الصوم

حوارية الصوم

حوار بين أب وأولاده حول أحكام الصوم

تأليف: الشيخ جعفر الشارقي


بسم الله الرحمن الرحيم

(الشيخ جعفر الشارقي):

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولادي الأعزاء: كيف حالكم؟

(الأولاد): عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله على كل حال، وله الشكر في الأول والمآل، نحن بخير ما دام الله تعالى ورسوله (ص) وأهل بيت نبيه (ع) وأبوانا راضين عنا.

(الشيخ جعفر الشارقي):

أولادي وفلذات كبدي: إن الليلة هي التاسعة والعشرون من شهر شعبان المعظم، فهل أنتم مستعدون لاستقبال شهر الله الأعظم شهر رمضان الذي أنزل الله فيه القرآن، وأوجب فيه الصيام؟

(الأولاد):

نحمد الله على نعمة الإيمان، ونحن على أهبة الإستعداد لاستقبال الشهر الكريم وصيامه وقيامه بحول الله تعالى وقوته وتوفيقه.

(الشيخ جعفر الشارقي):

أحسنتم يا أولادي الأعزاء فجوابكم صحيح ولكن ما ذكرتموه لا يكفي لاستقبال الشهر الكريم فإن في فيه من الآداب الواجبة والمستحبة التي على كل مسلم ومسلمة أن يلتفتا لها ويعملا بها غير ما تفضلتم به، وقد بينها النبي الأعظم (ص) في خطبته في آخر جمعة من شهر شعبان التي هيأ من خلالها المسلمين وأعدّهم لاستقبال الشهر الكريم، ومن أهم هذه الآداب التخلق بالأخلاق الفاضلة، والإخلاص في الطاعة والعبادة، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، وصلة الأرحام، ومساعدة الفقراء، وتوقير الكبار، ورحمة الصغار، واجتناب المعاصي وخصوصا الغيبة والنميمة والفتنة بين المؤمنين، والإصرار على التوبة النصوح، والمداومة على الإستغفار، وغيرها مما أكدت عليه الأخبار الشريفة.

(الأولاد):

صدقت يا أبي في ما تفضلت به وأشرت إليه مما ينبغي للمؤمن أن يتحلى به ويلتفت إليه في شهر رمضان المبارك، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للأخذ به، والعمل بما جاء فيه.

(الشيخ جعفر الشارقي):

أولادي وأحبابي: ما رأيكم لو وسّعنا جلستنا الحوارية هذه لنتناول فيها أهم ما يحتاجه المؤمن والمؤمنة من أحكام شرعية متعلقة بشهر رمضان وعبادة الصوم بصورة عامة؟

(حوراء):

اقتراح ممتاز وموفق، وأنا بعد إذنك يا أبي سأطرح أول سؤال. ما هي الطرق الشرعية لإثبات الهلال في شهر رمضان وغيره من الشهور؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إن الشهر العربي يعلم دخوله بأمور:

الأول: رؤية الهلال، سواء إنفرد برؤيته أم شاركه غيره، وسواء كان عدلا أم غير عدل،

وسواء شهد عند العالم أم لم يشهد، قبلت شهادته أم ردت، فيجب الصوم على الرائي مطلقا.

الثاني: أن يعدّ ثلاثين يوما من شعبان لو لم ير الهلال، وهو ما يسمى بإتمام العدة.

الثالث: الشياع، وهو بأن يرى الهلال كل من تعمد النظر إليه، فإذا شاع ذلك فإنه يجب على سائر الناس العمل بمقتضى ذلك.

وإذا حصل الشياع برؤية الهلال في بلاد أخرى قريبة بحيث حصل العلم واليقين بالرؤية وجب العمل بمقتضاه.

الرابع: شهادة العدلين برؤية الهلال.

ولا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال، بل لا بد من شهادة الرجال.

(محمد):

وهل يجب أن يثبت الهلال عند العلماء حتى أصوم أو أفطر أم يكفي السماع من الشهود العدول؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

لا يشترط في ثبوت الهلال بالشاهدين أن يثبت عند العلماء، فلو رآه عدلان ولم يشهدا عند العلماء أو شهدا ولم تقبل شهادتهما وجب على كل من سمع شهادتهما وعرف عدالتهما الصوم أو الفطر.

ويثبت الهلال بالشهادة على الشهادة، وهي شهادة الفرع

كما لو شهد عدلان على أن عدلين قد رأيا الهلال.

(فاطمة):

ما هي شرائط وجوب الصوم؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

يجب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل مقيم غير المتضرر به طاهر من الحيض والنفاس، ولا يصح الصوم من الكافر والصبي والمجنون والمسافر والمغمى عليه والمريض والمرأة الحائض أو النفساء.

أما البلوغ فيعلم حصوله إما بنبات الشعر الخشن على العانة أو بخروج المني يقظة أو نوما للذكور والإناث،

كما يعلم بإكمال الذكر خمس عشرة سنة هلالية. وإكمال الأنثى تسع سنين هلالية. ومن علامات بلوغ الإناث أيضا الحيض والحمل.

ولا يجب ولا يصح الصوم الواجب – إلا ما استثني – من المسافر الذي يلزمه التقصير، وأما من ليس كذلك فحكمه حكم المقيم في وجوب الصوم وإتمام الصلاة، كمن نوى إقامة عشرة أيام في غير بلده.

والنائم إذا نوى الصوم قبل الفجر صح صومه وإن استوعب نومه جميع النهار.

يتحقق الضرر الذي يجوز للمريض الإفطار معه إما بزيادة المرض بسبب الصوم أو تأخر البرء أو حصول المشقة التي لا يتحمل مثلها عادة أو حدوث مرض آخر، والمرجع في ذلك كله إلى الظن الغالب، سواء إستند إلى أمارة أو تجربة أو قول عارف وإن لم يكن عدلا. كذلك إذا خاف الصحيح من حصول مرض بسبب الصيام جاز له الإفطار ووجب عليه القضاء.

وإذا صام المريض الذي يتضرر بالصيام جاهلا بالحكم فالأظهر صحة صومه.

ولا يلحق الناسي بالجاهل هنا، بل يبطل صومه ويجب عليه القضاء.

ولو صام المسافر وهو يعلم بعدم جواز الصوم له كان صيامه باطلا ولم يجزئه، بل يجب عليه القضاء

وإذا قدم المسافر إلى بلده أو بلد يعزم على الإقامة فيه قبل الزوال ولم يتناول شيئا وجب عليه الصوم وأجزأه، وإن تناول قبل ذلك أو قدم بعد الزوال وإن لم يتناول شيئا إستحب له الإمساك ووجب عليه القضاء.

وإذا سافر المكلف سفر معصية وجب عليه الصوم، ولا يجب عليه القضاء بعد ذلك.

ولا فرق في حكم المرأة الحائض والنفساء بين ما إذا نزل الدم قبل الغروب ولو بقليل، أو إنقطع بعد الفجر ولو بقليل، فإن صوم ذلك اليوم أو الأيام يكون باطلا وعليها قضاؤه بعد الطهر.

(عبدالله):

ما هي الحالات التي يستحب الإمساك فيها ولكنه لا يجزأ عن الصوم الواجب؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

يستحب الإمساك تأدبا – وإن لم يكن ذلك صياما – في مواطن:

الأول: المسافر إذا رجع إلى وطنه أو وصل بلدا يعزم الإقامة فيه بعد الزوال أو قبل ولكن بعد الأفطار.

الثاني: المريض إذا برء بعد الزوال.

الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.

الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار.

الخامس: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.

السادس: المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا في أثناء النهار.

(زينب):

شكرا لك يا أبي على بيانك الواضح، والآن نريد منك أن تبين لنا بشكل مفصل كل الأشياء التي يجب على الصائم الإمتناع عنها (أي المفطرات)؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

لا شكر على واجب يا ابنتي العزيزة. واعلمي أن المفطرات أو ما يجب على الصائم الإمتناع عنه أشياء سأحاول الإلمام بها وبشيء من تفاصيلها، وهي من أهم ما ينبغي للصائم معرفته.

فأول ما يجب الإمساك عنه: كل مأكول ومشروب معتادا كان أو غير معتاد كالتراب وماء الورد ونحوها، فإذا

أكل أو شرب شيئا وكان عالما عامدا فقد فسد صومه ووجب عليه القضاء والكفارة.

الثاني: قال أكثر الفقهاء بأن إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق هو من مبطلات الصوم.

الثالث: وكذلك قال أكثر الفقهاء بأن إيصال الدخان الغليظ إلى الحلق هو من مبطلات الصوم.

الرابع: يحرم على الزوجين ممارسة العملية الجنسية، ويبطل الصوم بذلك ويجب عليهما القضاء والكفارة.

ويجوز ممارسة العملية الجنسية في ليل شهر رمضان مادام الوقت متسعا لإيقاع العملية الجنسية والغسل، فلو تيقن ضيق الوقت عنهما وأقدم عليها فسد صومه ووجب عليه القضاء والكفارة. ولو فعل ذلك ظانا سعة الوقت فإن كان مع التأكد من سعة الوقت لم يكن عليه شيء وإن كان من دون تأكد فعليه القضاء.

الخامس: البقاء على الجنابة حتى طلوع الفجر: فإذا بقي المجنب على جنابته متعمدا إلى طلوع الفجر الصادق لم يجزه الصوم في ذلك اليوم ووجب عليه القضاء والكفارة. وأما إذا كان غير متعمد فلا شيء عليه. ويجب القضاء في حالة النسيان. وهو حكم خاص بشهر رمضان وقضائه.

وإذا أجنب المكلف ونام ناويا للغسل قبل الفجر ثم غلبه النوم حتى طلع الفجر فلا شيء عليه، ولو إنتبه ثم نام ثانيا ناويا للغسل أيضا حتى أصبح فعليه القضاء، وكذا لو تكرر منه النوم أكثر من ذلك مع كونه ناويا للغسل لم يجب عليه شيء غير القضاء. وقد قال بعض الفقهاء بوجوب الكفارة بعد النومة الثالثة.

ولا يبطل الصيام بالإحتلام نهارا في شهر رمضان وغيره، ويجوز له تأخير الغسل على كراهة.

السادس: الحائض إذا إنقطع دمها وطهرت قبل طلوع الفجر الصادق وجب عليها الإغتسال والصوم، فإن أخرته حتى طلع الفجر فسد صومها ووجب عليها القضاء.

وأما المرأة المستحاضة فتتوقف صحة صلاتها وصومها على الإتيان بالأغسال، فلو أخلت بها بطل صومها ووجب عليها القضاء.

السابع: الإستمناء: ولا إشكال في حرمته في حد ذاته، وإذا حصل إنزال المني بذلك بطل الصوم ووجب عليه القضاء والكفارة، سواء حصل باليد أوالملاعبة أو غير ذلك.

الثامن: يجب الإمساك عن الإرتماس في الماء، فإن فعل ذلك بطل صومه ووجب عليه القضاء والكفارة. والمراد بالإرتماس هنا غمس الرأس في الماء، سواء كان مع البدن أو كان وحده مع كون البدن خارجا من الماء، والرقبة غير داخلة فيه بل المراد منه هنا هو ما فوق الرقبة، فلا يحصل الإرتماس لو غمس المنافد كلها وكانت منابت الشعر خارجة عن الماء، بينما يحصل بمجرد غمس الرأس وحده.

التاسع: يحرم الكذب على الله تعالى أو رسوله (ص) أو الأئمة (ع) ، بل هو من كبائر الذنوب عند الله تعالى، والأحوط وجوبا عدّه مفسدا للصوم وموجبا للقضاء والكفارة.

العاشر: الإحتقان بالسائل أي إدخال الدواء السائل عن طريق فتحة الشرج وهو محرم على الصائم ، فإن فعل ذلك فالأحوط القضاء أيضا. ويجوز الإحتقان بالجامد من دون إشكال.

ويجوز تقطير الدواء في الأذن، ولا يفسد الصوم بذلك، إلا أنه يكره مع وصوله إلى الحلق.

الحادي عشر: تعمد الصائم التقيء يفسد الصوم وبه يجب عليه القضاء خاصة. ولو فاجأه وخرج بغير إختياره صح صومه ولم يجب عليه شيء.

(زهراء):

ما حكم من فعل المفطر وهو جاهل بالحكم؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا فعل المفطر جاهلا فهو إما أن يكون غافلا عن الحكم بالكلية، وهذا لا شك في معذوريته، فلو فعل شيئا مفطرا جاهلا بكون الشيء الذي أفطر به محرما ومفطرا صح صومه ولم يجب عليه شيء من قضاء أو كفارة. وإما أن يكون غير عالم بالحكم وإن كان شاكا أو ظانا، وهذا غير معذور، بل الواجب عليه الفحص أو السؤال، ومع تعذر الوقوف على الحكم ففرضه التوقف عن الفعل والوقوف على جادة الإحتياط في العمل.

(علي):

وما حكم من فعل المفطر وهو ناسيا للحكم ؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا نسي المكلف أنه صائم ففعل المفطر لم يبطل صومه ولم يجب عليه قضاء ولا كفارة.

(حسين):

وما حكم من أجبر على فعل المفطر؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا أكره وأجبر على تناول أو فعل المفطر فلا شك في جواز الإفطار له في أي حالة من حالات الإكراه والجبر بمجرد خوف الضرر ولا إثم عليه في ذلك ولكن عليه القضاء على الأحوط وجوبا. ويجب الإقتصار على ما تندفع به الحاجة والضرورة، فلو زاد على ذلك وجبت عليه الكفارة.

(كوثر):

ما حكم التدخين في أثناء الصوم؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

قد أفتى الغالبية من الفقهاء بحرمة التدخين في أثناء الصوم كما أفتوا ببطلان الصوم ووجوب القضاء والكفارة.

(حسن):

هل يجوز استخدام فرشاة الأسنان مع المعجون المعدّ لذلك؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

نعم يا ابنتي يجوز للصائم استخدام المعجون إذا كان يطمئن من عدم تسرب شيء من المعجون إلى جوفه لكن عليه اجتنابه لو كان يشك في ذلك أو يحتمل تسرب ولو شيء قليل إلى جوفه.

(حوراء):

وما حكم بقايا الطعام المتخلفة بين الأسنان؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

لا يجوز للصائم تعمد إبتلاع بقايا الغذاء المتخلفة بين أسنانه عند أكثر الفقهاء.

(محمد):

ما حكم القلس لو حصل للصائم، وماذا يجب عليه أن يفعل؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا قلس الصائم فخرج بعض الطعام أو الشراب من بطنه إلى فضاء فمه فالأحوط إخراجه وعدم إبتلاعه.

(فاطمة): وما حكم ريق الصائم وما ينزل أو يصعد في حلقه من الأوساخ؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

أما الريق فيجوز للصائم إبتلاعه ما دام في فمه فلو أخرجه من فمه كما لو وضع في فمه خيطا أو شيئا آخر ثم أخرجه وعليه لمعة من الريق فالأحوط له عدم إعادته في فيه وبلع ريقه.

وأما إجتلاب النخامة من الصدر أوالرأس فيجوز للصائم ويجوز إبتلاعها ما لم تصل إلى فضاء الفم، فإن وصلت إلى فضاء الفم فالأحوط إخراجها منه.

(عبدالله):

هل يجوز للصائم التمضمض والإستنشاق؟ وما حكمه لو ابتلع شيئا من الماء من غير قصد؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

نعم يجوز، وإذا تمضمض الصائم فدخل الماء حلقه، فإن أدخله عمدا فلا إشكال في وجوب القضاء والكفارة عليه، وإن سبق إلى حلقه لا عن عمد فإن كان في وضوء لصلاة نافلة أو للتبرد أو العبث أو التداوي فعليه القضاء خاصة، وإن كان في وضوء لصلاة فريضة فلا شيء عليه من قضاء أو كفارة.

ويستحب للمتمضمض أن يبزق ثلاث مرات قبل أن يبلع ريقه.

(زينب):

وهل هناك أشياء أخرى ينبغي اجتنابها وتركها؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

نعم يستحب الإمساك عن أشياء أخرى غير ما ذكرنا، وهي:

الأول: النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة، وتتأكد كراهتها لمن يحرك ذلك شهوته.

الثاني: استعمال السواك الرطب، وأما غيره فلا بأس به من غير كراهة.

الثالث: الحجامة مع خوف الضرر، وكذا التبرع بالدم.

الرابع: شم الرياحين خصوصا النرجس، وأما الطيب فيستحب إستعماله للصائم إلا المسك، فقد ورد في الأخبار أن الطيب تحفة الصائم. والريحان لغة هو كل نبت طيب الريح.

الخامس: تبليل الثوب على الجسد بالماء.

السادس: جلوس المرأة في الماء.

السابع: إنشاد الشعر إذا كان في الأمور الدنيوية، وكما يكره إنشاده في شهر رمضان يكره في المسجد أيضا أو في يوم الجمعة أو نحو ذلك من الأزمنة الشريفة والبقاع المنيفة. وأما ما كان شعر حق كالذي يتضمن حكمة أو وعظا أو مدحا لأهل البيت (ع) أو رثائهم، فلا يكره إنشاده، بل يستحب ذلك فهو من أفضل الطاعات وأشرف العبادات.

(زهراء):

أبي مالذي يترتب على من أفطر في صومه، هل عليه كفارة أم لا؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

نعم يا ولدي: تجب الكفارة بإفساد الصوم في كل من شهر رمضان في أي وقت من النهار، وفي قضائه إذا أفسده بعد الزوال والنذر المعين والإعتكاف إذا وجب. ولا تجب في ما عدا ذلك كصوم الكفارات والنذر غير المعين والصوم المندوب.

وإذا أفطر الصائم يوما من شهر رمضان متعمدا على شيء محلل تخير في التكفير عن ذلك بين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.

وإذا أفطر المكلف يوما من شهر رمضان على شيء محرم كما لو شرب الخمر مثلا ونحو ذلك وجب عليه التكفير بخصال الكفارة الثلاثة كلها وهي المسماة بكفارة الجمع لأنه جمع بين محرمين هما الإفطار وشرب الخمر فتجتمع عليه الخصال الثلاث.

(علي):

لو أراد المكفر أن يطعم الفقراء، فما هو مقدار الواجب عليه؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

مقدار الإطعام الواجب في الكفارة هو إطعام وإشباع ستين مسكينا بما مقداره خمسة عشر صاعا. والصاع أربعة أمداد، يعطى كل مسكين مدا. (وبعد تحويل هذه الأوزان إلى ما هو متعارف في هذه الأيام يتبين أن وزن المد يساوي كيلو إلا ربع، ووزن الصاع يساوي ثلاثة كيلوات تقريبا، والخمسة عشر صاعا كاملة تساوي خمسة وأربعين كيلوا تقريبا).

(حسين):

وهل يجوز للمكلف أن يقوم بإعطاء الفقراء القيمة المالية للكفارة؟ وهل يجوز التبرع بإخراجها عن الغير؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

لا تجزأ القيمة في شيء من خصال الكفارة عن العين بل لا بد من إخراجها نفسها. ولكن يجوز للمكلف أن يوكل أحدا غيره في إخراجها عنه، كما يجوز له أن يوكل الفقير نفسه بشرائها ثم صرفها على نفسه وعياله. ولا يجزأ التبرع بالكفارة عن الحي، صوما كان أو غيره من خصال الكفارة، نعم يجوز التبرع عن الميت ويجزىء عنه.

(كوثر):

هل تتعدد الكفارة بتعدد فعل المفطر؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا تعدد فعل موجب الكفارة فإن كان في أيام متعدده تعددة بتعدده فتجب عن كل يوم كفارة، وإن كان في يوم واحد لم تتعدد بتعدد الموجب إلا إذا كان الموجب هو ممارسة العملية الجنسية فتتعدد حينئذ.

(حسن):

ما حكم من وجبت عليه الكفارة ثم سقط عنه الصوم لحصول عذر ما ؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

وإذا فعل ما تجب به الكفارة ثم سقط عنه فرض الصوم بسفر أو حيض أو شبهه لم تسقط الكفارة عنه بذلك، سواء كان المسقط بإختياره كالسفر غير الضروري أم بغير إختياره كالحيض والسفر الضروري، فلا تسقط في كلا الحالتين.

(حوراء):

هل يحرم الإفطار في قضاء شهر رمضان كما يحرم في الشهر نفسه؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

يجوز الإفطار في قضاء شهر رمضان ما لم تزل الشمس، فإذا حصل الزوال حرم الإفطار، وبفعله تجب الكفارة. وإذا أفطر الصائم يوما من قضاء شهر رمضان، فالمشهور أنه يجب عليه أن يطعم عشرة مساكين فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام. وقيل: يجب عليه مثل كفارة شهر رمضان، والأحوط الثاني.

(محمد):

ما حكم كبار السن في الصوم؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا أطاق المكلف الصوم كالشيخ والشيخة، أي كان الصوم على قدر طاقته وكان معه على مشقة وعسر فإنه يتخير بين الصوم وبين الإفطار والتصدق عن كل يوم بمد من طعام، والصوم أفضل. ولو تمكن من القضاء بعد ذلك لم يجب عليه. وأما إذا عجز عنه بالكلية فالأحوط التصدق عن كل يوم بمد من طعام أيضا فإن لم يستطع فلا شيء عليه.

(فاطمة):

ما حكم المرأة الحامل إذا خافت من الصوم؟

(الشيخ جعفر الشارقي):

إذا خافت الحامل القريبة الولادة أو المرضع القليلة اللبن على نفسيهما أفطرتا ووجب عليهما القضاء، ولا كفارة عليهما كالمريض وكل من خاف على نفسه، ولا فرق في ذلك بين الأم وغيرها، ولا بين المتبرعة والمستأجرة. وتفطران وتقضيان وتكفران عن كل يوم بمد إذا كان الخوف على الولد.


(الأولاد)

نشكرك يا أبي شكرا جزيلا على سعة صدرك وتفضلك بالإجابة على أسئلتنا الفقهية، وقد صارت عبادة الصوم عندنا واضحة بعد تعرفنا على معظم أحكامها. فشكر الله تعالى سعيك، وأجزل عطائك، ووفقنا للقيام بواجب طاعتك.

(الشيخ جعفر الشارقي)

لا شكر على واجب يا أولادي الكرام، ولقد أثلجتم صدري بتعلمكم أحكام دينكم الحنيف، فوفقكم الله تعالى لطاعته ورضاه. وأسألكم الدعاء لنا بالمغفرة والرحمة وخصوصا في مظان الإجابة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تأريخ الحوار: شهر شعبان المعظم لعام 1430هج الموافق لشهر أغسطس لعام 2009م.